ا
السؤال : نرى كثيراً من الكفار يدخلون الإسلام ونقول " هؤلاء منّ الله عليهم بالهداية" ولكن ألم يقل الله في القرآن " والله لا يهدي القوم الكافرين"؟ أرجوا التوضيح لان هذه التساؤلات كثيراً ما ترد على ذهني لا سيما في الصلاة. وما السبيل إلى التخلص منها؟
على ذهني لا سيما في الصلاة. وما السبيل إلى التخلص منها؟
الجواب :
الحمد لله
معنى قوله تعالى : ( وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) : أن الله لا يوفِّق للرُّشْد من حاد عن سبيل الحق ، وجحد ما جاء به الرسول من عند الله ، ولم ينته إلى أمر الله وطاعته فيما فرض عليه وأوجبه .
فلا يوفق لمحاسن الأفعال وجميلها ، ولكنه يخذّلهم عن الهُدى .
"تفسير الطبري" (10/472) - (14/245) .
فهؤلاء الذين انصبغ الكفر والتكذيب في قلوبهم ، فلو جاءتهم كل آية لم يؤمنوا .
"تفسير السعدي" (ص 336) .
كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النحل/104
فيخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره وتَغَافل عما أنزله على رسوله ، ولم يكن له قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله ، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الإيمان بآياته وما أرسل به رسله في الدنيا ، ولهم عذاب أليم موجع في الآخرة .
"تفسير ابن كثير" (4/604) .
ولذلك قال تعالى بعدها : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) النحل/106 – 109 .
فمن حقت عليه كلمة العذاب ، وطبع الله على قلبه ، فلا يهديه الله ، ولا ييسر له سبل الهداية ، وقال تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) الأعراف/146 .
وقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) يونس/96 ، 97 .
فهؤلاء هم الذين لا يهديهم الله .
قال الشيخ أبو بكر الجزائري :
"هذا وعيد منه تعالى سبق به علمه ، وأن القوم الكافرين يحرمهم التوفيق للهداية عقوبة لهم على اختيارهم الكفر وإصرارهم عليه" انتهى .
"أيسر التفاسير" (2/366) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
"أي المصرين على كفرهم المستمرين عليه فلا يهديهم هداية توصلهم إلى المطلوب . وأما الهداية بمعنى الدلالة على الحق والإرشاد إليه فقد نصبها الله سبحانه لجميع عباده" انتهى .
"فتح القدير" (2/522) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في قواعد تفسير القرآن :
"القاعدة الثانية عشرة : الآيات القرآنية التي يفهم منها قصَّار النظر التعارض :
يجب حمل كل نوع منها على ما يليق ويناسب المقام كل بحسبه .
ومن ذلك : أن الله أخبر في آيات كثيرة أنه لا يهدي القوم الكافرين والفاسقين والظالمين ونحوها ، وفي بعضها : أنه يهديهم ويوفقهم ، فتعين حمل المنفيات على من حقت عليه كلمة الله ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ) وحمل المثبتات على من لم تحق عليهم الكلمة .
وإنما حقت كلمة الله بالعذاب والطرد على من ارتكسوا في حمأة التقليد وغرقوا في بحر الغفلة وأبوا أن يستجيبوا لداعي آيات الله الكونية والعلمية ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ) .
وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه " انتهى .
"القواعد الحسان في تفسير القرآن" (ص/32-34) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أي : لا يهدي سبحانه الكافرين هداية توفيق ، أما هداية الدلالة فإنه سبحانه لم يَدَع أمة إلا بعث فيها نبياً ، لكن الكافر لا يوفقه الله لقبول الحق ، و( الكافرين ) أي الذين حقت عليهم كلمة الله ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)" انتهى .
"تفسير القرآن" للعثيمين - (5/254) .
أما من كان من أهل الضلالة ثم تاب الله عليهم وهداهم : فأولئك أراد الله لهم الهداية ، وكتبهم عنده من السعداء ، وسبقت لهم منه الحسنى سبحانه .
وقد روى البخاري (3332) ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ) .
والحاصل : أن هؤلاء الكفار الذين لا يهديهم الله هم الذين حقت عليهم كلمة الله بالعذاب ، وعلم الله تعالى أنهم خبثاء مكابرون ، معاندون لا يؤمنون مهما جاءهم من الآيات ، أما من يلين للحق ويخضع له فإن الله تعالى يهديه ويوفقه .
والله أعلم
السؤال : نرى كثيراً من الكفار يدخلون الإسلام ونقول " هؤلاء منّ الله عليهم بالهداية" ولكن ألم يقل الله في القرآن " والله لا يهدي القوم الكافرين"؟ أرجوا التوضيح لان هذه التساؤلات كثيراً ما ترد على ذهني لا سيما في الصلاة. وما السبيل إلى التخلص منها؟
على ذهني لا سيما في الصلاة. وما السبيل إلى التخلص منها؟
الجواب :
الحمد لله
معنى قوله تعالى : ( وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ) : أن الله لا يوفِّق للرُّشْد من حاد عن سبيل الحق ، وجحد ما جاء به الرسول من عند الله ، ولم ينته إلى أمر الله وطاعته فيما فرض عليه وأوجبه .
فلا يوفق لمحاسن الأفعال وجميلها ، ولكنه يخذّلهم عن الهُدى .
"تفسير الطبري" (10/472) - (14/245) .
فهؤلاء الذين انصبغ الكفر والتكذيب في قلوبهم ، فلو جاءتهم كل آية لم يؤمنوا .
"تفسير السعدي" (ص 336) .
كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ لَا يَهْدِيهِمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) النحل/104
فيخبر تعالى أنه لا يهدي من أعرض عن ذكره وتَغَافل عما أنزله على رسوله ، ولم يكن له قصد إلى الإيمان بما جاء من عند الله ، فهذا الجنس من الناس لا يهديهم الله إلى الإيمان بآياته وما أرسل به رسله في الدنيا ، ولهم عذاب أليم موجع في الآخرة .
"تفسير ابن كثير" (4/604) .
ولذلك قال تعالى بعدها : (مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ * ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّوا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَلَى الْآخِرَةِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ * لَا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرُونَ) النحل/106 – 109 .
فمن حقت عليه كلمة العذاب ، وطبع الله على قلبه ، فلا يهديه الله ، ولا ييسر له سبل الهداية ، وقال تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لَا يُؤْمِنُوا بِهَا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لَا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلًا ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا عَنْهَا غَافِلِينَ) الأعراف/146 .
وقال سبحانه : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ) يونس/96 ، 97 .
فهؤلاء هم الذين لا يهديهم الله .
قال الشيخ أبو بكر الجزائري :
"هذا وعيد منه تعالى سبق به علمه ، وأن القوم الكافرين يحرمهم التوفيق للهداية عقوبة لهم على اختيارهم الكفر وإصرارهم عليه" انتهى .
"أيسر التفاسير" (2/366) .
وقال الشوكاني رحمه الله :
"أي المصرين على كفرهم المستمرين عليه فلا يهديهم هداية توصلهم إلى المطلوب . وأما الهداية بمعنى الدلالة على الحق والإرشاد إليه فقد نصبها الله سبحانه لجميع عباده" انتهى .
"فتح القدير" (2/522) .
وقال الشيخ السعدي رحمه الله في قواعد تفسير القرآن :
"القاعدة الثانية عشرة : الآيات القرآنية التي يفهم منها قصَّار النظر التعارض :
يجب حمل كل نوع منها على ما يليق ويناسب المقام كل بحسبه .
ومن ذلك : أن الله أخبر في آيات كثيرة أنه لا يهدي القوم الكافرين والفاسقين والظالمين ونحوها ، وفي بعضها : أنه يهديهم ويوفقهم ، فتعين حمل المنفيات على من حقت عليه كلمة الله ؛ لقوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ ) وحمل المثبتات على من لم تحق عليهم الكلمة .
وإنما حقت كلمة الله بالعذاب والطرد على من ارتكسوا في حمأة التقليد وغرقوا في بحر الغفلة وأبوا أن يستجيبوا لداعي آيات الله الكونية والعلمية ( فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ ) ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدىً ) .
وهذا هو الحق الذي لا ريب فيه " انتهى .
"القواعد الحسان في تفسير القرآن" (ص/32-34) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"أي : لا يهدي سبحانه الكافرين هداية توفيق ، أما هداية الدلالة فإنه سبحانه لم يَدَع أمة إلا بعث فيها نبياً ، لكن الكافر لا يوفقه الله لقبول الحق ، و( الكافرين ) أي الذين حقت عليهم كلمة الله ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ * وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ)" انتهى .
"تفسير القرآن" للعثيمين - (5/254) .
أما من كان من أهل الضلالة ثم تاب الله عليهم وهداهم : فأولئك أراد الله لهم الهداية ، وكتبهم عنده من السعداء ، وسبقت لهم منه الحسنى سبحانه .
وقد روى البخاري (3332) ومسلم (2643) عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : (إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الْكِتَابُ فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيَدْخُلُ الْجَنَّةَ) .
والحاصل : أن هؤلاء الكفار الذين لا يهديهم الله هم الذين حقت عليهم كلمة الله بالعذاب ، وعلم الله تعالى أنهم خبثاء مكابرون ، معاندون لا يؤمنون مهما جاءهم من الآيات ، أما من يلين للحق ويخضع له فإن الله تعالى يهديه ويوفقه .
والله أعلم